مرحبا بك

أنت على مدونة الشاعرة والأديبة المغربية مريم الوادي

تفضل قم بجولة بين عناقيد الروح، واترك أثرك ..

الخميس، 20 أكتوبر 2011

مريم قصة تكتبها القصيدة وتحكيها خيوط الشمس

مريم قصة تكتبها القصيدة
وتحكييها خيوط الشمس
الجزء الثاني
لو جردنا المرأة من كل فضيلة لكفاها فخرا أنها تمثل شرف
الأمومة  جوبير
 


مازلت أرقب فيها الطفلة
أرقب فيها القد الصغير، وخد الحرير
أرقب فيها تعاقب الفصول
وعيون الفضول
أرقب فيها كل لذيذ وموجع
تفتحت الطفلة الزهرة وبلغت من العمر عشر سنوات، وتفتقت فيها المواهب..
عشقت مريم كل ما يتعلق بالدواخل والوجدان
كل ما يصور الانسان
كلما قال المعلم: ارسموا لوحة حرة
ضحك الأصفر: وقال هيت لك
تداعب مريم الأصفر وترسم الشمس
شمس مريم تكبر بكثير شمس الكون
خيوطها تمتد خارج ورقة الحاضر لتعانق المستقبل..
كانت تلك لوحتها المفضلة :شمس وطفلة تمسك الشعاع..
فهل كانت مريم تدرك معنى لوحتها؟؟
قضيب حديدي ينقر سكة محراث قديمة..
كان ذاك صوت الجرس المعلق على شجرة الكاليتوس وسط الساحة الواسعة..
انتهت فترة الصباح ،
لملمت مريم ألوانها الشمعية ،وكراسة الرسم..
وخرجت لقضاء بين الفترتين ،في فضاء يحتل حيز الربيع في قلبها..
تحت الصفصافة الكبيرة خلف المدرسة..
هناك تنتظرموعد الحلم من جديد..
لطالما رجوتها في صمت وأنا أرقبها:
العبي يامريم وارتعي كما صديقاتك..
لكنها لا تفعل..
وتكتفي بمشاهدة الأخريات وهن تحلقن، ترقصن، وتقفزن، وتتخاطفن كسرات الخبز وتتراشقن بقنينات الماء..
تضحك من أفعالهن وتداعب حزام فستانها..
كانت تسبق سنها..
بداخل الطفلة امرأة ،وبداخل المرأة كومة أشجان..
مريم لا تأتي هنا إلا لشيء واحد
لا تقطع كل تلك المسافة إلا لشيء واحد
وهي بانتظاره الآن..
فمتى يدق جرس الدخول وتعانق مريم صدر طاولتها؟؟
رغم كلاب الطريق ، رغم قساوة الشتاء، ورغم الخوف في ظلمة المساء ..
تفوقت مريم وكانت الأولى دائما ..
رغم تأخرها عن الحصص، هذا التأخر لم يزدها إلا ألقا وتقدما وإصرارا على الوصول..
كانت تترقب السبت بفارغ الصبر..
لأنه موعد اللقاء بأعز وأحب الحصص:حصة الانشاء ،حيث تبدع مريم وتمتع
تنتظر دورها، يمدها المعلم ورقتها :
تسعة من عشرة يامريم ممتازة جدا وستقرئين موضوعك ككل مرة تفضلي مريم
ترتعش فيها الطفلة ،وتكبر فيها المرأة.
تقف أمام زملائها وقدها الصغير يكبر بحجم ماتقرأ وكيف تقرأه..
تتشبت بها العيون
مزهرية عشق واقفة
وتتلو مريم آياتها حول الأم :
أمي واختلطت فيك الأشجان
أمي واحترقت فيك الأحزان
أمي حب وحنان
أمي عصفور رنان
عشق أبدي أنت
كلما نظرت في عينيك رأيتني
لا أحد يسكن عيناك سواي
أعلم ياأمي أنك فضلتني على كل عشق
واخترت البقاء لي وحدي
كرست زهرة عمرك لي
اخترت العناء كي لا أشقى
أعلم يا أمي ماتخفين
أسمعك ليلا وأنت تبكين
في صمت وتكتمين
أتحسبينني لا أراك؟؟ لا أسمعك؟ لا أحسك؟؟
كم أنت جميلة ياأمي لكنك لست محظوظة في الحياة تمزقت فيك المرأة والأم
وطالك الغدر وجرحتك الخيانة
حملت حقيبتك أمسكتني من يدي
وتركت الباب مفتوحا خلفك
ليدخل مكانك من يشاء

واخترت ان تكوني معي ولأجلي
مريم أغنتك عن كل الملذات
وحصرت فيها الأمنيات
أمية أنت
تجهلين الحروف نعم
لكنك تثقنين لغة العطاء
وفن الحنان
وختاما ياأمي :هاته الصفحة لا تسع حبي لك و هاته الأسطر القليلة لا تكفي لأبوح بعظمة ما في القلب نحوك ..
أمي يازهرة عمري
لا تبكي بعد الآن
واستمري في سقي الوردة بداخلي من جمال روحك وسمو عزيمتك كي أستمد منك النجاح والاستمرار..
انهت مريم قراءتها
اختنقت العبرات في صدرها
فاضت الدمعات من عيون اصدقائها
وانتحب المعلم مصطفى تأثرا برسالتها
وعسل صوتها
وتعالت التصفيقات
وحلقت مريم في حدائق الوجدان
وجدان كل من رآها تقف، و سمعها تتلو.

ليست هناك تعليقات: