مرحبا بك

أنت على مدونة الشاعرة والأديبة المغربية مريم الوادي

تفضل قم بجولة بين عناقيد الروح، واترك أثرك ..

الجمعة، 21 أكتوبر 2011

من يسرق ورود الأحلام ؟

من يسرق ورود الأحلام ؟


كان أبي بستانيا ،يعتني بورود وأزهار حديقة أحد الأعيان..
وكنا نسكن كوخا صغيرا بجوار حديقة القصر ،حتى يتسنى لأبي حراسة الحديقة ليل نهار..
وعند عودته من الحديقة كل صباح ،كان أبي يحكي الكثيرمن الغرائب عن ورود تسمى بورود الأحلام ..
وهي ورود تحاط بعناية فائقة من صاحب الحديقة ،حيث يعين لها طبيبا نفسيا ،وممرضة ،وحارسا إضافيا، ويحيطها بأسلاك كهربائية..
يحكي أبي أن الرجل وزوجته وأبناؤه ،يأتون الحديقة كل صباح ،ووجوههم يغشاها الوقار والتيمن ،يقفون في طابور أمام ورود الأحلام ،ويؤدون صلاة معينة ،قبل إنطلاق يومهم .
بعضهم يبكي ،و البعض الآخر يبتهل، و آخر يسجد أمام ورود الأحلام ،
ومنهم من ينحني ويوشوش في أذنها الأمنيات..
يوما بعد يكبر إعجابي بهذا المخلوق العجيب ،الذي تؤدى له الصلوات كل صباح، والذي يوزع الأحلام ويحقق الأمنيات ..
ويوما بعد يوم يزداد فضولي، وأسخر كل تفكيري لطريقة تمكنني من الظفر بوردة ،وردة واحدة من ورود الأحلام..
لقد كان محضورا على أبناء البستاني ولوج الحديقة ،أو اللعب بجوارها ،وكان محضورا على البستاني إطلاع أبنائه على مايدور في الحديقة من أسرار..
حاولت بكل الطرق والحيل إقناع أبي بأن يحضر لي وردة من ورود الأحلام -عفوا بأن يسرقها لي - لكنه رفض خوفا من الطرد والسجن.. خوفا من فقدان هذا المنصب الهام..
أصبت بالحمى ، وسقطت طريحة الفراش ،ولم ينفع معي دواء ولا أعشاب..
شخصت أمي الحمى بأنها حمى ورود الأحلام ،التي لم تطلها يداي، وبكت وتوسلت إلى أبي كي يسرق وردة قبل فوات الأوان..
وفي غمرة الحمى ،لمحت أبي يمدني وردة متلألئة ،حمراء صفراء ،بنفسجية زرقاء ،وردة اختلطت فيها كل الألوان..
مددت يدي لآخذ الوردة ،وقبل أن تلمسها يداي، ارتفعت الوردة وحلقت في الهواء ،ثم شقت طريقها كنيزك وانطلقت من باب الكوخ.
تبعتها أسرع الخطى، أنفض الحمى، أسابق الأحلام، فرأيتها تنتصب عائدة إلى غصنها الذي قطفها منه أبي- عفوا الذي سرقها منه أبي -
وفي كل مرة تعاودني الحمى ، كان أبي يسرق لي وردة ،وكانت الوردة ترفض أن تلمس يداي وكانت ترتفع ،وتطير كنيزك في السماء..
أتبعها أسرع الخطى، أنفض الحمى، أسابق الأحلام ،وأراها تعود وتنتصب في غصنها هناك..
ويوما بعد يوم ،وحمى بعد حمى ،ومحاولة بعد محاولة،أيقنت أن للورود حارسا خفيا ،يتبعها ،ويعيدها إلى مكانها ،إن هي زاغت ،وحاولت ،أو فكرت، في تحقيق أحلام لغير أصحاب الأحلام.
مريم الوادي



ليست هناك تعليقات: